سورة الزخرف - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)}
{فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا} نوع آخر من التسلية له صلى الله عليه وسلم، وضمير {مِنْهُمْ} يرجع إلى المسرفين المخاطبين لا إلى ما يرجع إليه ضمير {مَا يَأْتِيهِمْ} لقوله تعالى: {ومضى مَثَلُ الاولين} أي سلف في القرآن غير مرة ذكر قصتهم التي حقها أن تسير مسير المثل، ونصب {بَطْشًا} على التمييز وجوز كونه على الحال من فاعل {أَهْلَكْنَا} أي باطشين، والأول أحسن، ووصف أولئك بالأشدية لإثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الأولوية، وقوله تعالى:


{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)}
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والارض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم} عطف على الخطاب السابق والآيتان أعني قوله تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا} [الزخرف: 6، 7] اعتراض لإفادة التقرير والتسلية كما سمعت، والمراد ولئن سألتهم من خلق العالم ليسندن خلقه إلى من هو متصف بهذه الصفات في نفس الأمر لا أنهم يقولون هذه الألفاظ ويصفونه تعالى بما ذكر من الصفات ذكره الزمخشري فيما نسب إليه، وهذا حسن وله نظير عرفًا وهو أن واحدًا لو أخبرك أن الشيخ قال كذا وعنى بالشيخ شمس الأئمة ثم لقيت شمس الأئمة فقلت: إن فلانًا أخبرني أن شمس الأئمة قال: كذا مع أن فلانًا لم يجر على لسانه إلا الشيخ ولكنك تذكر ألقابه وأوصافه فكذا هاهنا الكفار يقولون: خلقهن الله لا ينكرون ثم أن الله عز وجل ذكر صفاته أي أن الله تعالى الذي يحيلون عليه خلق السموات والأرض من صفته سبحانه كيت وكيت، وقال ابن المنير: إن {العزيز العليم} من كلام المسؤولين وما بعد من كلامه سبحانه. وفي الكشف لا فرق بين ذلك الوجه وهذا في الحاصل فإنه حكاية كلام عنهم متصل به كلامه تعالى على أنه من تتمته وإن لم يكن قد تفوهوا به، وهذا كما يقول مخاطبك: أكرمني زيد فتقول: الذي أكرمك وحياك أو لجماعة آخرين حاضرين الذي أكرمكم وحياكم فإنك تصل كلامك بكلامه على أنه من تتمته ولكن لا تجعله من مقوله، والأظهر من حيث اللفظ ما ذكره ابن المنير وحينئذٍ يقع الالتفات في {فَأَنشَرْنَا} [الزخرف: 11] بعد موقعه، ونظير ذلك قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {لاَّ يَضِلُّ رَبّى وَلاَ يَنسَى} إلى قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مّن نبات شتى} [طه: 53] وفي إعادة الفعل في الجواب اعتناءً بشأنه ومطابقته للسؤال من حيث المعنى على ما زعم أبو حيان لا من حيث اللفظ قال: لأن من مبتدأ فلو طابق في اللفظ لكان بالاسم مبتدأ دون الفعل بأن يقال: العزيز العليم خلقهن.


{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)}
{الذى جَعَلَ لَكُمُ الارض مَهْدًا} مكانًا ممهدًا أي موطأ ومآله بسطها لكم تستقرون فيها ولا ينافي ذلك كريتها لمكان العظم، وعن عاصم أنه قرأ {مهادا} بدون ألف {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} طرقًا تسكلونها في أسفاركم {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي لكي تهتدوا بسلوكنها إلى مقاصدكم أو بالتفكر فيها إلى التوحيد الذي هو المقصد الأصلي.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8